سورة الصف - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصف)


        


{سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ} قال المفسرون: إن المؤمنين قالوا: لو علمنا أحب الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه، ولبذلنا فيه أموالنا وأنفسنا. فأنزل الله عز وجل: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا} فابتلوا بذلك يوم أحد فولوا مدبرين، فأنزل الله تعالى: {لِمَ تقولون ما لا تفعلون}.
وقال محمد بن كعب: لما أخبر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بثواب شهداء بدر، قالت الصحابة لئن لقينا بعده قتالا لنُفْرِغَنَّ فيه وسعنا ففروا يوم أحد فعيَّرهم الله بهذه الآية.
وقال قتادة والضحاك: نزلت في شأن القتال، كان الرجل يقول: قاتلت ولم يقاتل وطعنت ولم يطعن، وضربت ولم يضرب، فنزلت هذه الآية قال ابن زيد: نزلت في المنافقين كانوا يعدون النصر للمؤمنين وهم كاذبون {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا} في موضع الرفع فهو كقولك: بئس رجلا أخوك، ومعنى الآية: أي عَظُمَ ذلك في المَقْت والبغض عند الله، أي: إن الله يبغض بغضًا شديدًا أن تقولوا {مَا لا تَفْعَلُونَ} أن تعِدوا من أنفسكم شيئا ثم لم توفوا به.


{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً} أي يصفُّون أنفسهم عند القتال صفًا ولا يزولون عن أماكنهم {كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} قد رُصَّ بعضه ببعض أي ألزق بعضه ببعض وأحكم فليس فيه فرجة ولا خلل. وقيل كالرصاص. {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ} من بني إسرائيل: {يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي} وذلك حين رموه بالأدرة {وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ} والرسول يعظم ويكرم ويحترم {فَلَمَّا زَاغُوا} عدلوا عن الحق {أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} أمالها عن الحق، يعني أنهم لما تركوا الحق بإيذاء نبيهم أمال الله قلوبهم عن الحق {وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} قال الزجَّاج: يعني لا يهدي من سبق في علمه أنه فاسق.


{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} والألف فيه للمبالغة في الحمد، وله وجهان:
أحدهما: أنه مبالغة من الفاعل، أي الأنبياء كلهم حمادون لله عز وجل، وهو أكثر حمدًا لله من غيره، والثاني: أنه مبالغة في المفعول، أي الأنبياء كلهم محمودون لما فيهم من الخصال الحميدة وهو أكثرهم مبالغة وأجمع للفضائل والمحاسن التي يحمد بها. {فَلَمَّا جَاءَتهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.
{وَمَن أَظلَمُ مِمَّنِ افتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ وَهُوَ يُدعَى إِلَى الإسلامِ واللَّه لا يَهِدي القَومَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفوَاهِهِم وَاللَّهُ مُتِمُ نُورِهِ وَلَوَ كَرِهَ الكَافِرُون}.
{هُوَ الَّذِي أَرسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَو كَرِهَ المُشرِكُونَ}. {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ}. قرأ ابن عامر {تُنْجيكم} بالتشديد والآخرون بالتخفيف {مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}. نزل هذا حين قالوا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله عز وجل لعملناه وجعل ذلك بمنزلة التجارة لأنهم يربحون بها رضا الله ونيل جنته والنجاة من النار. ثم بين تلك التجارة فقال: {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}.

1 | 2